اللامنتمي: اغتراب الذائقة بين المثال والفوضى

 


في عالمٍ يتزاحم فيه الحُسْن المصنوع مع الذائقة المعلّبة، ينهض اللامنتمي الجمالي كما لو كان شبحًا يسير عكس اتجاه الضوء. لا يسأل: ما الأجمل؟ بل يسأل: لماذا أُجبرت على الإعجاب؟ بين اللوحات الممدوحة والنغمات المحفوظة، نبدأ هذه الرحلة عبر مملكة الجماليات، لا لنضع تعريفًا، بل لنحرّض على سؤال.


في عين العاصفة الجمالية

عندما وقف أمام لوحة 'الموناليزا' وسألوه: أليست جميلة؟ أدار ظهره للوحة وقال: الأجمل أن أسأل نفسي لماذا يجب أن أجدها جميلة؟

في هذه الرحلة عبر مملكة الجماليات، سنتبع خطوات اللامنتمي الجمالي، ذلك الثائر الهادئ الذي لا يرفض الجمال، بل يرفض أن يكون أسيراً لذائقة الغير. إنه لا يكسر المعايير، بل يكشف أنها قد تكون أقفاصاً ذهبية. سنستكشف معاً:

كيف يتحدى اللامنتمي مفاهيم الجمال الراسخة؟ أين يجد الجمال في أماكن غير متوقعة؟ ذلك الخط الرفيع بين التحرر الجمالي والفوضى الفنية.


الجمال الذي لا ينتمي إلى أحد

عندما سألوني: هل هذا العمل فنٌّ أم خردة؟

أجبْتُ: وهل الفرقُ بينهما إلا اتفاقٌ اجتماعي؟

بهذه الكلمات يُعلن اللامنتمي الجمالي تمرُّده على كلِّ تصنيف. إنه لا يرفضُ الجمال، بل يرفضُ الجمال المُعلَّب في متاحف الذائقة الجمعية. هنا، نستكشف كيف يحوِّل اللامنتمي الفنَّ من موضوعٍ للتقييم إلى سؤالٍ وجودي.


اللامنتمي كعدوٍّ للقبائل الجمالية: تفكيك المُثل الجمالية التقليدية

1. ضدَّ معايير الجمال الكلاسيكية: لماذا يجب أن تكونَ النسبُ الذهبيةُ جميلة؟ (تحدٍّ لأفلاطون وكانط).

سُحْرُ القبح في أعمال بيكاسو وفرانسيس بيكون.

2. ضدَّ فصل الفن عن الحياة: لماذا نُسمّي بعضَ الأشياء 'فنًا' ونرفضُ أن نرى الفنَّ في وجبةِ فقيرٍ تُقدَّم باحترام؟ (كما في فنون الأداء المعاصرة).

3. ضدَّ فكرة "الفنان العبقري: الإبداعُ ليس حكرًا على مَن يُسمّون أنفسهم فنّانين" (نقدٌ لمفهوم المؤسسة الفنية).

اللامنتمي الجمالي لا يكسرُ المعايير… هو يُظهر أن المعاييرَ نفسها وهمٌ جميل.

 

جماليات اللامنتمي… هل هي "لا جمال"؟: إعادة تعريف الجمال في عين الغريب

1. جمالُ اللااكتمال: كما في فن "الوابي-سابي" الياباني (جمال الأشياء البالية والناقصة).

2. جمالُ العبث: أعمال دادا والسرياليين التي تحتفل بالفوضى.

3. جمالُ اليومي: تحويلُ اللحظات العابرة إلى فنّ (كما في تصوير الشارع).


اغترابٌ أم حرية جمالية؟: دور اللامنتمي في تطوير الذائقة الفنية

إيجابيات اللامنتمي الجمالي: تحريرُ الإبداع من سطوة النقاد والمتاحف. ثم اكتشافُ الجمال في الأماكن والأشخاص "غير المتوقعين".

سلبيات اللامنتمي الجمالي: خطرُ فقدان الحوار الجمالي المشترك. ثم صعوبةُ التمييز بين التحرر الفني والعبثية.

أنا لا أرفضُ الجمال… أنا أرفضُ أن يُصبح الجمالُ ديكتاتوريةً أخرى.


في حضرة الجمال الهارب

في النهاية، يرسمُ اللامنتمي لوحتَه الأخيرة على جدارٍ عامّ…ثم يمحوها. ليس تخريبًا، بل لأنَّ الجمالَ الحقيقي هو ذلك الذي يرفضُ أن يُحتجزَ حتى في الذاكرة. اللامنتمي الجمالي هو شاهدُ عصرنا على أنَّ الفنَّ لا يكتمل… وهذا بالضبط ما يجعله حيًّا.

وحين تتلاشى أصداء التعريفات، ويبقى اللامنتمي وحيدًا في مواجهة المرآة، لا يرى صورة ولا يرى لوحة، بل يرى احتمالات الجمال التي لم تُقال. إنه لا يغادر المَعرِض بل يغادر المُسلّمات، تاركًا وراءه ليس رفضًا، بل دعوةً إلى إعادة التخيّل. في زمن يُعلّب فيه الذوق، يبقى السؤال الجمالي هو الملاذ الوحيد للحرية الفكرية.

 

 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Amjad Ali Nayouf

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي